افتتح في بريطانيا أول بنك للخلايا الجذعية في العالم. ويتيح
البنك للعلماء من شتى أنحاء العالم إجراء الأبحاث على هذه الخلايا؛
بعد أن كشفت الدراسات التي أجريت عليها آفاقا واسعة لعلاج العديد
من الأمراض المستعصية. وقد تم تمويل مشروع البنك بالتعاون بين مجلس
الأبحاث الطبية ومجلس أبحاث علوم الهندسة الوراثية والعلوم الحيوية
وسيكون تحت إشراف المعهد الوطني للمعايير الحيوية.
والخلايا الجذعية هي “خلايا خام” تتخصص فيما بعد لتصبح خلايا عظمية
أو غضروفية أو عضلية أو عصبية أو غيرها. وتوجد هذه الخلايا في معظم
أنسجة الجسم لتقوم بدور الإحلال والتجديد. فمثلا الخلايا
الجذعية في الدم هي المسؤولة عن الإنتاج المستمر لكريات الدم
الحمراء والبيضاء وألياف التجلط وغيرها. ويعتبر نخاع العظام من
أغنى أنسجة الجسم بالخلايا الجذعية. وبتوفير أوساط التكاثر
المناسبة، تستطيع الخلايا الجذعية التكاثر بصورة مستمرة، مما يوفر
الفرصة للبنك لإنتاج وتخزين مليارات الخلايا الجذعية لتغطية كافة
أغراض البحث.
ووردت أولى مخصصات البنك من الخلايا الجذعية من كلية كينغ بجامعة
لندن، ومركز أبحاث الحياة بمدينة نيوكاسل. وهي خلايا تم استخلاصها
من الأجنة في مرحلة مبكرة للغاية، وذلك من مريضات كن يتلقين علاجا
ضد العقم. ويأمل القائمون على المشروع أن يتيح البنك للباحثين من
شتى أنحاء العالم الحصول على ما يكفيهم من الخلايا الجذعية لإجراء
أبحاثهم، وصولا لتحقيق الاستفادة القصوى من آفاق العلاج التي صاحبت
الأبحاث على هذه الخلايا.
فأمراض مثل السكري والزهايمر وقصور القلب والسرطان وشلل الرعاش،
كلها يمكن أن تعالج يوما ما باستخدام الخلايا الجذعية. وهناك
بالفعل نجاحات في هذا السبيل. لكن الحاجة لا تزال ماسة لإجراء مزيد
من الأبحاث، حتى تصل هذه المبادرات إلى درجة من اليقين، لتتحول إلى
أساليب علاج تمارس بصورة روتينية في العيادات والمستشفيات، أو في
صورة أدوية يتلقاها المرضى دون قلق.
أسئلة تنتظر إجابات
ولعل السؤال الأصعب الذي لم تتم الإجابة عنه بعد، هو: إذا
كانت الخلايا الجذعية هي خلايا “خام” يمكن أن تتحول إلى خلايا
عصبية أو عضلية أو غيرها، فما الذي يوجه أو يتحكم بالتحديد في
عملية التحول؟ ورغم النجاح مؤخرا في تحول خلايا جذعية من نخاع عظام
3 مريضات إلى خلايا عصبية عندما استزرعت تلك الخلايا في أدمغتهن،
فيظل السؤال: ما هي البوصلة التي توجه عملية التحول في المرحلة
الجنينية من حياة هذه الخلايا؟ وهذا هو أحد أهم الأسئلة التي يريد
القائمون على بنك الخلايا الجذعية أن يتمكن الباحثون من الإجابة
عنها.
وسيحرص البنك على توفير 3 سلاسل من الخلايا الجذعية: خلايا جنينية
مبكرة، وخلايا جنينية متقدمة، وخلايا ناضجة (من أشخاص ناضجين).
فالخلايا الجذعية توجد في جسم الإنسان عبر كل مراحل حياته، ولكن
تختلف قدرة وقابلية هذه الخلايا للتحول إلى خلايا أخرى عصبية أو
عضلية أو غيرها حسب كل مرحلة عمرية. ويهدف ذلك إلى إتاحة الفرصة
كاملة للباحثين للوصول إلى نتائج بأعلى قدر من الدقة.