الاستنساخ كما نعرفه هو مضاعفة الخلايا
اعتمادًا على تنقية انقسام الخلايا الأصلية للجنين لمضاعفة عدد
الحيوانات المتطابقة الخصائص (photocopy) ولكن الأمر ليس بهذه
البساطة، فقد كشف باحثون يابانيون وأميركيون أن الاستنساخ ينطوي
على مخاطر كبيرة ويمكن أن يؤدي إلى مشاكل لا يمكن التكهن بها في أي
مرحلة من مراحل الحياة. وقد أثبت الباحثون ذلك في تجارب أجروها على
فئران مستنسخة وخلايا حية بالغة.
وأكد الباحثون اليابانيون أن 10 من 12 من الفئران الذكور المستنسخة
توفيت قبل المدة الطبيعية لحياة الفئران، الأمر الذي يبرر المخاوف
المثارة بشأن مساعي توليد كائن بشري عبر الاستنساخ.
وقال باحث من معهد الأمراض المعدية في طوكيو إن تشريح الفئران
المستنسخة كشف إصابتها بداء ذات الرئة وبقصور في الكبد ونقص في
الأجسام المضادة واللوكيميا وسرطان الرئة.
وتؤكد هذه النتائج المخاطر العديدة التي يمكن أن تنجم عن الاستنساخ
كتشوهات القلب والرئتين والجهاز المناعي والبدانة والموت قبل
الولادة أو بعيدها، دون نسيان الشيخوخة المبكرة كما في حال النعجة
دوللي.
وفي دراسة مماثلة قال باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في
كامبردج بالولايات المتحدة إن الخلايا البالغة ليست جيدة لإجراء
عمليات استنساخ على الحيوانات. وأوضحوا أن معظم عمليات الاستنساخ
التي نجحت لم تأت من خلايا بالغة عادية وتامة البلوغ، وإنما من
خلايا نادرة موجودة في الجسم البالغ. يشار إلى أن الاستنساخ يقوم
على نزع نواة بويضة وإحلال المادة الوراثية المأخوذة من خلية كائن
حي مكانها.
ويقوم الاستنساخ الإنجابي نظريا على نزع نواة بويضة أخذت من امرأة
وإحلال المادة الوراثية المأخوذة من أحد الأبوين محلها. ويمكن أخذ
النواة من خلية جلد مثلا. ويقول الأطباء إنه ينبغي عمل الكثير قبل
فهم المشكلات التي تواجه الاستنساخ لدى الحيوانات. وقال الطبيب
أنتينوري إنه قادر على تخفيض التشوهات عبر إجراء فحوصات على
الأجنة. لكن هذا لا يسمح سوى بالكشف عن التشوهات الكبيرة وليس عن
كل شيء وخصوصا السرطانات.
الا أن الاخبار تفيد بأن الشركة التى أسهمت في استنساخ النعجة
دوللي ستغلق برنامج أبحاثها الخاص بالخلايا الجذعية إثر فشلها في
العثور على مشتر له، مما يوضح صعوبة تحقيق أرباح من الأبحاث الطبية
الرائدة.
وقالت شركة التكنولوجيا الحيوية بي بي إل ثيرابيوتيكس التي تركز في
أنشطتها على الأدوية المستنبطة من البروتين إنها لا زالت تأمل في
بيع برنامجها لنقل الأعضاء من الخنازير إلى البشر بحلول نهاية
العام.
ولكن جيف كوك كبير المسؤولين التنفيذيين بالشركة أقر بأن الوحدة
ستباع بأقل من 20 مليون جنيه إسترليني أي ما يعادل (30.9 مليون
دولار) وهو المبلغ الذي كانت الشركة تأمل في الحصول عليه. وقال كوك
إن “أحوال السوق صعبة بصورة خاصة في هذه الفترة، لا أعتقد أنه يمكن
لأي شخص أن يتوقع 20 مليونا”.
واشتركت الشركة في بعض أكبر الإنجازات في العلوم الطبية الحديثة،
إذ إنه بالإضافة إلى استنساخ النعجة دوللي عام 1996، كانت أول من
أعلن أنها استنسخت خنازير يمكن زراعة أعضائها في الجسم البشري. كما
أن الشركة اشتركت في أبحاث الخلايا الجذعية التي يمكنها التميز
والتخصص إلى أنواع شتى من الخلايا يمكنها أن تحل محل الأنسجة
التالفة.
ولكن الشركة تعرضت لهجوم المستثمرين لإهدار ما تحققه من أرباح
ولتعرضها لسلسلة من الانتكاسات، وعلى وجه الخصوص انتكاس أهم
منتجاتها الواعدة وهو عقار علاج انتفاخ الرئة الوراثي الذي تطوره
بالاشتراك مع شركة باير. وقالت الشركة في مارس/ آذار الماضي إنها
ستركز على مجال تخصصها الرئيسي وهو التعديل الوراثي للحيوانات حتى
تنتج في ألبانها أنواعا من البروتين يمكن استخدامها في تصنيع
عقاقير للبشر
أكد خبير الخصوبة الإيطالي المثير للجدل سيفرينو أنتينوري أنه توجد
الآن ثلاث حالات حمل بأجنة مستنسخة في العالم. وكان أنتينوري قد
أثار في وقت سابق من الشهر الحالي عاصفة من الجدل بعد أن نقلت عنه
صحيفة غلف نيوز الإماراتية قوله إنه نجح في استخدام تكنولوجيا
استنساخ البشر في إحداث الحمل.
ورفض الطبيب الإيطالي تأكيد هذا الخبر أو نفيه، لكنه قال للتلفزيون
الإيطالي إنه يوجد في العالم الآن ثلاث حالات حمل بأجنة مستنسخة.
وأضاف أنتينوري أن حالتين من الحالات الثلاث موجودتان في روسيا
والثالثة في دولة إسلامية، مشيرا إلى أن أعمار الأجنة تتراوح بين
ستة وتسعة أسابيع.
ونفى أنتينوري أن يكون مشاركا بشكل مباشر في أي من حالات الحمل
الثلاث، كما لم يفسر أو يؤكد أو ينف الاقتباسات التي نسبتها إليه
الصحيفة الإماراتية.حتى جاء الاعلان عن ولادة أول طفلة مستنسخة من
الأم فى نهاية عام 2002.
وقابل العلماء تقرير صحيفة غلف نيوز بالتشكك والإدانة مشيرين إلى
صعوبات فنية يتعين التغلب عليها قبل استنساخ أول إنسان، وقالوا إن
من الخطورة البدء بمثل هذا البرنامج دون تشريعات وتنظيمات ملائمة.
والاستنساخ البشري محظور في كثير من الدول. ورغم أن حكومة يمين
الوسط الجديدة في إيطاليا لم تذكر شيئا عن الاستنساخ منذ أن فازت
في الانتخابات العامة في مايو/أيار الماضي فإنها من المرجح أيضا أن
تؤيد مثل هذا الحظر.
هذا وقد أصدر مجمع البحوث الإسلامية في الجامع الأزهر بالقاهرة
فتوى جاء فيها أن “استنساخ الإنسان حرام ويجب التصدي له ومنعه بكل
الوسائل”. وأكد نص الفتوى الصادر عن الأزهر أن الاستنساخ “يعرض
الإنسان الذي كرمه الله لأن يكون مجالا للعبث والتجربة وإيجاد
أشكال مشوهة وممسوخة”.
وشددت الفتوى على أن الإسلام لا يعارض العلم النافع بل يشجعه ويحث
عليه ويكرم أهله، أما العلم الضار الذي لا نفع فيه أو الذي يغلب
ضرره على نفعه فإن الإسلام يحرمه ليحمي البشر من أضراره. وأوضحت أن
القاعدة الفقهية في الإسلام هي أن درء المفسدة مقدم على جلب
المصلحة. وذكرت الفتوى أنه يجب التفريق بين الاستنساخ واستخدام
الهندسة الوراثية في النبات والحيوان لإنتاج سلالات قيمة ونافعة
وكذلك في علاج الأمراض. وصدرت هذه الفتوى قبل إعلان العالمة
الفرنسية والعضو في طائفة الرائيليين بريجيت بواسوليي ولادة طفلة
سميت “حواء” بتقنية الاستنساخ.
أما الفاتيكان فاعتبر في بيان رسمي أن الإعلان عن ولادة طفل مستنسخ
يعكس عقلية قاسية خالية من أي اعتبار أخلاقي وإنساني. وأشار
المتحدث باسم الفاتيكان إلى أن الإعلان يفتقد أي دليل ويثير الريبة
والإدانة لدى قسم كبير من المجتمع العلمي الدولي. ويعارض الفاتيكان
تقليديا أي شكل من أشكال الاستنساخ سواء أكان لأغراض علاجية أو
بهدف التكاثر.
في هذه الأثناء توالت ردود أفعال العلماء والهيئات على هذه
التجربة، فقد شكك خبير الخصوبة الإيطالي سيفيرينو أنتينوري في
مزاعم طائفة الرائيليين ومؤسسة “كلون إيد” بنجاح تجربة استنساخ أول
إنسان. وقال أنتينوري إن هذه المزاعم تسيء إلى سمعة العلم مؤكدا أن
أعضاء الجماعة لا يحظون بأي مصداقية. وأنتينوري طبيب أعلن أن إحدى
مريضاته ستلد أول طفل مستنسخ في يناير/ كانون الثاني المقبل.
وحذر معهد روزلين في أدنبرا بأسكتلندا من مخاطر استنساخ كائن بشري.
وانتقد الناطق باسم المعهد الدكتور هاري غريفين هذه التجربة بشدة
وقال إن كل المجموعات التي عملت على استنساخ الحيوانات -من أبقار
وخراف وخنازير وفئران وماعز- أشارت إلى وجود نسبة كبيرة من حالات
الإجهاض والوفيات بعد الولادة والمشاكل مع الحيوانات المستنسخة
أثناء حياتها.
وأظهرت أبحاث البروفسور أيان ويلموت المسؤول عن معهد روزلين الذي
استنسخ النعجة دولّي أن كل الحيوانات المستنسخة في العالم تعاني من
تشوهات جينية وجسدية. وكان المعهد قد شهد ولادة دولّي أول نعجة
مستنسخة عام 1996.