الإجهاض المتكرر.. أسبابه و محاولات تفاديه

تفاصيل الاستشارة
التصنيف موضوعات تتعلق
بالزوجة
الموضوع الإجهاض المتكرر.. أسبابه و
محاولات تفاديه
الاستشارة أنا سيدة كتب لي الله أن أحمل من أول
شهر لزواجي، وكان حملي بتوءم طبيعيًا من الوراثة من أهلي،
وما إن أكملت الشهر الخامس من حملي حتى أصابني مرض تسمم
الحمل، وبالشهر السابع ولدت بالقيصرية ولدين؛ أحدهما كان
يعاني من تشوه خِلْقي، حيث أمعاؤه كانت للخارج ومات في نفس
اليوم، ولم أره؛ لأنني كنت بالعناية المركزة، أما ابني
الثاني فقد عاش لمدة شهر وكان وزنه عند الولادة كيلو واحد
فقط وبعدها توفي ولا نعرف السبب.
وبعد ذلك صبرت إلى سنة وخمسة أشهر وحملت مرة ثانية، ولكن
أجهضت بالشهر الثاني، ولم أعرف السبب، وعملت عملية التنظيف
بعدها عانيت سنتين من عدم الحمل، حيث تبين لي أنني أعاني من
ضعف المبايض، تعالجت بالمنشطات وبالحقن إلى أن تم الحمل.
ولكن حتى هذه المرة لم يثبت الحمل كثيرا؛ حيث إن هرمون الحمل
كان بالنزول وأجهضت من أول شهر وبعدها لم أعمل عملية
التنظيف، وبعد ثلاثة أشهر حملت مرة ثانية، ولم يكتب الله لي
أن يستمر حملي إلا سبعة أسابيع، وبعدها وأنا تحت أيدي
المستشفى صار هرمون الحمل بالنزول وأجهضت.
فأرجوكم ساعدوني، عملت أنا وزوجي جميع التحاليل ولم يتبين
السبب من كروموسومات وغيرها وحتى العيادات الخاصة لا تعرف
سببا لحالتي، فيا ترى ما هو السبب؟ ساعدوني أرجوكم.
المستشار د. هشام جابر العنانى
الاجابة
سيدتي، السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته.. وأبدأ كلامي معك عزيزتي بقوله تعالى: “وَعَسَى أَن
تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن
تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ
وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ”، فما حدث لك هو إرادة الله
سبحانه وتعالى، ولا تدرين ولا أي كائن من كان مراد الله من
ذلك، وأرجو أن تتأكدي من أن الله سبحانه وتعالى لا يقدر
لعبيده إلا كل خير.

فالإجهاض المتكرر عزيزتي هو مشكلة متشعبة لها علاقة بعدد من
الحالات المرضية منها:
* عيوب بالكرموسومات الوراثية.
* الأجسام المضادة للفوسفات الدهنية.
* عيوب الرحم التشريحية وتتضمن العيوب الخلقية (الحاجز
الرحمي والرحم ذو القرنين) وأيضا العيوب المكتسبة (الأورام
الليفية تحت بطانة الرحم وكذلك الالتصاقات داخل الرحم).
* عدم إحكام أو ضعف عنق الرحم.
* تكيسات المبيض.
* زيادة إفراز هرمون ليوتين.
* نقص إفراز هرمون البروجيسترون خلال النصف الثاني من الدورة
الشهرية.
* الإصابة الميكروبية.
* الأجسام المضادة للغدة الدرقية.
* انعدام الأجسام المضادة لمورثات الزوج.
* زيادة المشاركة في المورثات البشرية الموجودة على الكريات
الدموية البيضاء (HLA).

والعوامل المسببة للإجهاض خلال الأشهر الثلاثة الوسطى للحمل
قد تختلف عن تلك المسئولة عن الإجهاض خلال الأشهر الثلاثة
الأولى.
فبعض الحالات مثل عيوب الرحم التشريحية وعدم إحكام عنق الرحم
والإصابة الميكروبية هي أسباب معروفة للإجهاض خلال الأشهر
الثلاثة الوسطى للحمل، ونادرا ما تسببه خلال الأشهر الثلاثة
الأولى.

ومن ناحية أخرى فالأجسام الموجودة في حالة مرض الذئبة
الحمراء قد تسبب الإجهاض خلال الأشهر الأولى أو الوسطى
للحمل. ويتضح مما سبق أن الفحوصات الدقيقة ضرورية لإثبات
وجود العامل المسبب للإجهاض.

ونظراً لأن المشكلة متشبعة ولها العديد من الأسباب فإن هناك
العديد من الاختبارات الضرورية. والطريقة المثلى هي وضع
نتائج الاختبارات في صورة جداول مع إلقاء الضوء على النتائج
غير الطبيعية.

هناك عدد من الفحوصات كان من المعتاد إجراؤها أصبحت الآن في
حكم الملغاة، مثل: البحث عن الأجسام المضادة لمورثات الزوج،
وتحديد نوع المورثات البشرية الموجودة على الكريات الدموية
البيضاء، ومسحة من بطانة الرحم لميكروب كلاميديا، والدارسات
الفيروسية وتشمل إجراء مسح لمجموعة TORCH، وسكر عشوائي،
وفصيلة الدم، ومسح لاكتشاف وجود أجسام مضادة ذاتية، واختبار
وظائف كلي.

كما أن تشخيص عدم إحكام عنق الرحم أو ضعفه يتضمن مشكلة وفقاً
لما أقرته الكلية الملكية البريطانية لأمراض النساء
والتوليد؛ لأنه يعتمد أساسًا على التاريخ المرضي للحالة من
حيث حدوث حالات إجهاض سابقة خلال الأشهر الثلاثة الوسطى
للحمل. وعادة ما تحدث في غياب انقباضات رحمية ملحوظة.

كذلك الأشعة بالموجات فوق الصوتية عن طريق المهبل قد تساعد
لملاحظة الملامح المبكرة لضعف عنق الرحم مثل قصره أو وجوده
على شكل قمعي؛ لكن الأشعة بالموجات فوق صوتية أو بالأشعة
العادية وجد أنهما غير مجديتين لتشخيص عدم إحكام عنق الرحم
قبل الحمل.

بينما أنه ليس من الضروري دائما القيام بإجراء الفحوصات
كاملة، فإنه لا بد أن يؤخذ في الاعتبار أن الأسباب المرضية
قد تكون مزدوجة. مثلا وجود حاجز رحمي مع عدم إحكام عنق الرحم
أو زيادة في إفراز هرمون ليوتين مع متلازمة وجود الأجسام
المضادة للذئبة الحمراء. وبالمثل أيضا لمرضى العقم؛ حيث إنه
قد توجد أسباب مرضية في أنابيب فالوب مع وجود اضطراب
بالمبايض أيضا.

ولكن ما هو سبب هذا الإجهاض المتكرر؟
لا يوجد سبب واضح للإجهاض فيما يقرب من نصف عدد المرضى؛
ولذلك لا يوجد علاج محدد لمثل هذه الحالات باستثناء الطمأنة
والرعاية النفسية. وفي الدراسة التي قام بها ستراي بيدرسون
عن الرعاية النفسية للحوامل فإنه قد يكون شابها درجة من
الانحراف؛ حيث إن مرضى الدراسة المقيمين بالقرب من المستشفى
هم فقط الذين لاقوا رعاية نفسية.
ومع ذلك فإن في دراسة حديثة لكليفورد وآخرين سنة 1997 أثبتت
أن الرعاية المبكرة أثناء الحمل لها تأثير ملحوظ مفيد على
نتيجة الحمل، وأن نسبة حدوث الإجهاض بين اللاتي تلقين
الرعاية اللازمة مقارنة بهؤلاء اللاتي لم ينلنها تكون 51:26
% على التوالي. لذا أصبح مقبولا الآن أن الرعاية النفسية
تكون مصحوبة بنقص واضح في معدل الإجهاض مقارنة بتلك المجموعة
التي تلاقي الرعاية المعتادة.

والرعاية النفسية يجب أن تتضمن الأتي:
* الرعاية التي تقدم في عيادة متخصصة.
* المساندة النفسية.
* الوصول بسهولة لاتصال شخصي مع الطبيب المعالج.
* الفرصة الكافية لمناقشة الأمور المقلقة.
* المتابعة عن قرب بما يتضمن إجراء الأشعة بالموجات فوق
الصوتية خلال الأشهر الثلاثة الأولى للحمل.
* طمأنة المرضى بصورة سليمة.
طاقم العمل يجب أن يكون مهتما بالرعاية والمساعدة وألا يكون
منعزلا.

والآن عزيزتي ما هو علاج الإجهاض المتكرر؟
إن السيدات اللائي يعانين من الإجهاض المتكرر يحتجن إلى سرد
التاريخ المرضي وافيا وإجراء فحوصات دقيقة مع المشورة
والتفسيرات الواعية. ومن تحمل منهن مرة أخرى لا بد أن تقدم
لهن الرعاية الصحية والمتابعة بصفة دورية أسبوعيا مع إجراء
فحص أشعة بالموجات فوق الصوتية مبدئيا من أجل طمأنة الحامل،
وهذا يعد جزءًا من برنامج العلاج (الرعاية النفسية).

ومع ذلك فإن الإجهاض ما يزال مشكلة تحدث بالرغم من الرعاية
والعلاج. ومن المعروف أن العلاج التحفظي لبعض حالات الإجهاض
له نفس نتائج عملية التفريغ الجراحي. كما أن العلاج التحفظي
لا يبدو أنه يؤثر على الخصوبة مستقبلا بل على العكس ربما
يقلل من حدوث التصاقات داخل الرحم.

وبعيدا عن الرعاية النفسية السالف ذكرها والتي لها دور فعال
خاصة مع السيدات اللاتي تعانين من الإجهاض المتكرر غير
المفسر، فإن عددًا من أنواع العلاج تبين أنه يحسن من نتيجة
الحمل، مثل:
* حقن مادة الهيبارين تحت الجلد سواء مع أو بدون استعمال
الأسبرين قد يكون مفيدا في حالات متلازمة وجود الأجسام
المضادة للذئبة الحمراء، أو تلك التي أثبتت التحاليل أنها
موجودة بالنظر لوجود الأجسام المضادة لمادة كارديوليبين.
* ربط عنق الرحم يكون مفيدًا في حالات الإجهاض خلال الأشهر
الثلاثة الوسطى للحمل المصحوبة بعدم إحكام عنق الرحم.
* المنظار الرحمي أو الجراحة التقليدية لتجميل الرحم يحسن من
نتيجة الحمل في حالات الإجهاض المتكرر خلال الأشهر الثلاثة
الوسطى للحمل المصحوبة بوجود حاجز رحمي أو الرحم ذي القرنين.

* وكذلك فإن فائدة استئصال الورم الليفي في السيدات اللائي
تعانين من الإجهاض خلال الأشهر الثلاثة الوسطى للحمل
المصحوبة بوجود ورم ليفي تحت بطانة الرحم أو بداخل عضلات
الرحم نفسها هي فائدة غير مؤكدة بالرغم من وجود تقريرين
سابقين يفترضان التأثير الإيجابي للجراحة خاصة في الحالة
الأخيرة.
وبوجه عام فإن العلاج الجراحي ينبغي أن يكون بصفة فردية وغير
معمم، ويعتمد على التاريخ المرضي، ويكون تبعا لتشاور سليم.

وعلى جميع الأحوال أختنا.. عليك بالرضا، والصبر، والإكثار من
الدعاء والاستغفار، فكما قال تعالى: “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا
رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء
عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ
وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ
أَنْهَارًا” (نوح: 10 – 12).

مع أطيب الأمنيات بحمل قريب، وذرية صالحة بإذن الله تعالى
وفي انتظار استشارة أخرى تبشرينا فيها بمولود سعيد.

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on pinterest
Share on reddit
Share on vk
Share on tumblr
Share on mix
Share on pocket
Share on telegram
Share on whatsapp
Share on email

More Interesting Posts

Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *