تمكن باحثون أميركيون من استزراع خلايا جذعية من نخاع العظام في
أدمغة بعض المرضى لتتحول هذه الخلايا بعد ذلك إلى خلايا عصبية؛ مما
يعزز الآمال في تجديد الخلايا العصبية بالدماغ عندما تتحلل أو تموت
نتيجة للأمراض أو الأورام أو الحوادث.
ففي العدد الأخير من مجلة لانسيت الطبية البريطانية، نشر باحثون،
بقيادة الدكتور إدوارد سكوت، من مركز شاندز لأبحاث السرطان التابع
لجامعة فلوريدا الأميركية أنه بعد مضي 6 سنوات على استزراع خلايا
جذعية من متبرعين رجال في أدمغة ثلاث سيدات، وجد بعد الفحص أن
أدمغة السيدات تحوي خلايا عصبية تشتمل نواياها على الكروموزوم
(الصبغي الوراثي) Y.
ويشير هذا إلى أن مصدر هذه الخلايا ذكري؛ وذلك يؤكد بدوره أن
الخلايا الجذعية قد تحولت بنجاح إلى خلايا عصبية.
وكانت قد أجريت أبحاث استخلصت فيها خلايا من نخاع العظام لأشخاص
بالغين، واستزرعت في أدمغة فئران، فتحولت خلايا نخاع العظام إلى
خلايا عصبية.
كذلك نشرت مجلة لانسيت في العام الماضي بحثا يشير إلى قدرة خلايا
من نخاع عظام بعض السيدات المرضى على تجديد نمو خلايا وجناتهن.
يفتح ذلك آفاقا جديدة لعلاج الأمراض التي تتحلل أو تتلف فيها
الخلايا العصبية كأمراض شلل الرعاش (باركنسن)، والزهايمر، والشلل
الدماغي. وكذلك إصابات الحوادث التي تعطب فيها أجزاء من المخ أو
النخاع الشوكي، إضافة إلى حالات الأورام الدماغية.
ويقدر عدد هؤلاء المرضى الذين يمكنهم الاستفادة من أبحاث الخلايا
الجذعية في العالم بحوالي 128 مليون شخصا، كما أشارت جمعية أمراض
القلب الأميركية.
وإذا استمرت هذه الأبحاث بنجاح، عن طريق استخدام خلايا جذعية من
نخاع عظام المرضى أنفسهم، فإن ذلك يرفع عن كاهل الباحثين
الإشكاليات الأخلاقية والدينية التي ثارت مع الإعلان عن استنساخ
أجنة لتكون مصدرا للخلايا الجذعية.
ويأتي ذلك بعد أيام قليلة من إعلان أطباء من جامعة بيتسبرغ
(بالولايات المتحدة) عن نجاحهم في تجديد حياة الأجزاء المعطوبة في
عضلة القلب باستزراع الخلايا الجذعية فيها.
والخلايا الجذعية هي “خلايا خام” تتخصص فيما بعد لتصبح خلايا عظمية
أو غضروفية أو عضلية أو عصبية أو غيرها. وتوجد هذه الخلايا في معظم
أنسجة الجسم لتقوم بدور الإحلال والتجديد. فمثلا الخلايا الجذعية
في الدم هي المسؤولة عن الإنتاج المستمر لكريات الدم الحمراء
والبيضاء وألياف التجلط وغيرها. ويعتبر نخاع العظام من أكثر أنسجة
الجسم غنى بالخلايا الجذعية.