كشفت دراسة حديثة لفريق بحثي قطري أن الأنيميا وزواج الأقارب
والعوامل النفسية أبرز أسباب ارتفاع نسبة الإجهاض لدى القطريات،
وطبقا لأحدث إحصائية صدرت عن المجلس الأعلى للتخطيط في قطر فإن عدد
حالات الإجهاض بين القطريات في عام 2005 بلغت (1186) حالة مقابل
(4040) حالة ولادة.
وأظهرت الدراسة أن 46% من المجهضات جامعيات ويعملن مدرسات
وإداريات. وأكدت أن المرأة المدخنة والتي تتعرض للتدخين تكون أكثر
عرضة للإجهاض. وأظهرت ارتفاع نسبة الإجهاض لدى القطريات مقارنة
بالأجنبيات اللاتي يعشن في قطر إلى أكثر من الضعف. وأفادت بأن 86%
من حالات الإجهاض تحدث في الثلث الأول من أشهر الحمل، ولفتت إلى أن
67% من القطريات تزوجن بعد سن الـ39 سنة.
تقرير رسمي
أعدت الدراسة “د. ليلى ذياب” مستشارة التخطيط الاجتماعي والصحة
بالأمانة العامة لهيئة التخطيط التنموي في قطر مع فريق عمل متكامل
بالتنسيق والتعاون مع المجلس الأعلى لشئون الأسرة، وتناولت العوامل
الاجتماعية مترافقة مع العوامل الطبيعية.
وذكرت “د. ليلى ذياب” لمراسل شبكة “إسلام أون لاين.نت”، أنه تم
تحديد المشكلة في عدة نقاط تمثلت في الارتفاع المتزايد والمستمر في
نسبة الإجهاض بين القطريات على الرغم من تطور الخدمات الصحية
المتعلقة بالحمل والولادة ورعاية الأم، وأوضحت أن الإجهاض في قطر
يعتبر إجهاضًا مأمونًا كونه لا يؤدي إلى وفيات للأمهات التي تنتج
عن النزف ومضاعفات الإجهاض الأخرى، إلا أنه يعتبر خطرًا شديدًا
يهدد صحة المرأة.
وأظهرت الدراسة مفارقة غريبة تتمثل في ارتفاع نسبة الإجهاض لدى
القطريات مقارنة بالأجنبيات اللاتي يعشن في قطر إلى أكثر من الضعف؛
برغم أنهن يعشن في بيئة واحدة، ففي عام 1992 كانت عند المرأة
القطرية 2.5% ولدى غير القطرية 9.2%، بينما كانت النسبة في 1999:
3.5% للقطرية مقابل 1.17% لدى غير القطرية.
عوامل اجتماعية
وقالت “د. ليلى ذياب”: إن ارتفاع نسبة الإجهاض لدى المرأة القطرية
تعتبر ظاهرة لافتة للانتباه في الفئة العمرية التي تعتبر مثالية
للحمل والولادة وهي الفئة من 24 سنة إلى 30 سنة وهذا مخالف للقاعدة
المتعارف عليها في حدوث الإجهاض للفئات العمرية التي تتجاوز 39 سنة
على الأقل من عشرين سنة.
وحول العوامل الطبية والاجتماعية التي تؤدي للإجهاض والعوامل
الأكثر أهمية في التأثير في الإجهاض؛ أوضحت د. ليلى ذياب أن هناك
أسبابًا طبية بيولوجية وفسيولوجية خاصة بالمرأة القطرية ومسئولة عن
الإجهاض وذلك مثل معاناة المرأة من الأنيميا وأسباب متعلقة بالدم
والأمراض التناسلية.
كما تعود الظاهرة إلى عوامل اجتماعية خاصة بالقيم السائدة لدى
الأسر القطرية الخاصة بزواج الأقارب والعادات الغذائية؛ حيث بينت
الدراسة أن 58.5% من إجمالي عينة الدراسة هن من المريضات المتزوجات
من الأقارب، وضمن هذه النسبة وجد أن المريضات المتزوجات من أبناء
العم أو العمة (41.6%) مقابل (14.5%) عند المريضات المتزوجات من
أبناء الخال أو الخالة.
وكشفت أن حوالي نصف المريضات المجهضات من العاملات ومعظمهن من
العاملات في مهنة التدريس والإداريات، وقد يرجع ذلك إلى أن معظم
الإناث القطريات العاملات من قوة العمل يعملن في مثل هذه المهنة،
وأن 56.5% من المجهضات يوجد لأسرهن تاريخ من الإجهاض، كما أن ثلث
عينة الدراسة من المجهضات أقررن بأن العمل الحالي كان غير مرغوب
فيه، وقد يكون ذلك أحد الأسباب النفسية السلبية التي أدت إلى
الإجهاض ومن المحتمل أن تكون المريضة تعمدت إجهاض نفسها أو عدم
الاهتمام بالإشراف الطبي في أثناء الحمل.
مشكلات نفسية
وأثبتت الدراسة أن حوالي ثلث المجهضات يعانين من مشكلات نفسية
واجتماعية، وأن الزواج مصدر المشكلات النفسية والاجتماعية للمريضة،
ويعطي ذلك مؤشرا آخر لخلل العلاقات الزوجية والآثار السلبية على
صحة المرأة، ولوحظ أن 17% من المريضات رفضن تحديد مصدر المشكلة،
وقد يرجع ذلك لأسباب اجتماعية.
وأن أكثر من نصف المريضات المجهضات كن يعانين من قلق في أثناء
الحمل سبَّب الخوف من عدم استمرار الحمل، خاصة إذا ما ارتبط بسابقة
إجهاض، كما أن نسبة الإيذاء الجسدي الذي تعرضت له المريضات قليلة
بلغت 5.5% وكان مصدره الزوج بسوء المعاملة والضرب خاصة تحت تأثير
المشروبات الكحولية، كما أن تأثير العامل البيئي ضعيف.
تأخر سن الزواج
وأكدت توصيات الدراسة أهمية إرشاد النساء عن طريق التثقيف الصحي عن
مشاكل الحمل في سن متأخرة؛ لأنه كلما تأخر سن الزواج، قلت الفترة
الزمنية المتاحة لها كسن مناسبة للإنجاب ووفقًا لبيانات التعداد
لسنة 2004، نجد أن (67%) من الإناث القطريات لم يتزوجن في الفئات
العمرية من (25 – 39)، مع العلم أن هذه المرحلة العمرية هي أفضل سن
للحمل والإنجاب.
وطالبت بتنظيم برامج تثقيفية للحوامل بضرورة مراجعة الطبيب حتى في
الأسابيع الأولى من الحمل ومتابعة الإشراف الطبي، حيث ظهر من نتائج
الدراسة زيادة نسبة الإجهاض لدى المريضات اللاتي لم يراجعن الطبيب
على الإطلاق، وكذلك المريضات اللاتي راجعن على فترة تزيد على
الأسبوعين، ودعت الدراسة لتنظيم برامج تثقيفية حول كيفية الاستخدام
السليم والآمن لوسائل منع الحمل المختلفة والالتزام الشديد بها حتى
لا يحدث الحمل أثناء وجود المانع فيما قد يترتب عليه أيضا إجهاض أو
تشوهات في الجنين قد تؤدي إلى الإعاقة.
أضرار الأشعة
كما أوصت الدراسة بتوعية المريضات بضرورة تجنب الأشعة التشخيصية،
خاصة في أثناء الفترة الأولى من الحمل وقد أظهرت نتائج الدراسة أن
هناك (5%) من المريضات قد تعرضن للأشعة التشخيصية بكميات كبيرة في
أثناء الشهور الأولى من الحمل، وهذا يدل على عدم وعيهن وعدم اتخاذ
إجراءات مناسبة في أقسام الأشعة بالجهات الصحية.
الوعي الصحي
وأوضحت “د. ليلى” أن التقدم العمري من العوامل المهمة للإسقاط عند
المرأة الطبيعية، وكذلك الإنجاب في سن ما قبل 20 عاما، ولاحظت أن
نسبة الإجهاض ارتفعت بارتفاع المستوى التعليمي، حيث إنها تقتصر في
1% لدى من يعرفن القراءة والكتابة، ثم 5.7% في المرحلة الابتدائية،
ثم 8% للحاصلات على الثانوية، ثم 5.25% قبل التخرج من الجامعة، أما
الحاصلات على الشهادة الجامعية فقد بلغت 46%.
وبينت أنه من المفترض أن يساهم التعليم في زيادة وعي المرأة
والنهوض بالوعي الصحي عند النساء الحوامل، إلا أنه يتضح التأثير
السلبي على هذه الظاهرة، وقد يرجع إلى أن معظم الحاصلات على
الشهادة الجامعية قد يرتبطن بأعمال لها علاقة بالجهد الذي يؤثر على
حالتهن في أثناء الحمل.
كما أن 46% من حالات الإجهاض يعملن، بينما 54% لا يعملن وبتحديد
نوع مهن المريضات اتضح أن 37% أعمال إدارية وكتابية.. وحوالي الثلث
يعملن مدرسات وأن 4.3% بالمهن الطبية أو ذات العلاقة بالطب و2.2%
يعملن في أعمال لها علاقة بالكيمياء والطب و26.3% أعمال أخرى.
دور الأمراض الوراثية
وحول العوامل الطبية التي تتسبب في الإجهاض قالت د. ليلى ذياب: إن
النتائج أثبتت أن وجود أمراض وراثية في العائلة من أسباب حدوث
الإجهاض بالإضافة إلى عمر الحمل، حيث أظهرت الدراسة أن 86% من
حالات الإجهاض حدثت في الثلث الأول من الحمل أي بين 4-15 أسبوعًا،
ويعتبر الخلل الهرموني للجنين على قائمة الأسباب المؤدية للإجهاض
في هذه المرحلة، كما تبين أن 5.80% من المجهضات قد أنجبن من قبل،
وأظهرت نتائج الدراسة أن 6.41% من المجهضات قد أنجبن أربعة أطفال
فأكثر.. مما يعني أن هناك علاقة بين زيادة عدد الأطفال الذين
أنجبتهم المرأة وبين نسبة الإجهاض عند المريضات.
كما أظهرت أن 13% من المجهضات يعانين من الأنيميا وعلى الرغم من
أنها سبب غير مباشر للإجهاض فإنها تؤدي إلى ولادة مبكرة أو ضعف نمو
الجنين، هذا بالإضافة إلى استخدام الأدوية ونوعها في الفترة الأولى
من الحمل، حيث ظهر أن 64% من المريضات تناولن لأدوية خلال الحمل
و12.5% تناولن حبوبا مسكنة و3.9% تناولن حبوبا لمنع الحمل و1.6%
تناولن حبوبا لأمراض نفسية وأن 36.7% تناولن أدوية أخرى لم يتذكرن
اسمها.
وفي ضوء ذلك يمكن القول إن الإنجاب من قبل، وفقر الدم، واستخدام
الأدوية بكثرة عن المرحلة الأولى من الحمل مع وجود أمراض وراثية؛
تعتبر من أهم العوامل المسببة للإجهاض.
متابعة الحمل
وأشارت د. ليلى ذياب أن أعلى نسبة إجهاض كانت لدى المريضات اللاتي
لم يراجعن الطبيب على الإطلاق لمتابعة الحمل، وأن ربع عينة
المريضات لم يراجعن الطبيب لمدة تزيد على الأسبوعين. كما أن النوع
الشائع من الحمل لدى المجهضات كان الحمل التلقائي، حيث إنه شكل
نسبة (80%)، بينما (8%) حدث مع وجود مانع للحمل و(9%) حدث بعد علاج
بمنشطات و3% بعد علاج لأطفال الأنابيب، وأن الغالبية العظمى من
المجهضات قد أنجبن في السابق بنسبة 80% وأن 41.6% قد أنجبن بين
(4-5) أطفال.
كما أن بعض المريضات كن يعانين من اضطرابات في الغدة وحوالي 85.4%
لديهن مرض سكري وأن 13% كان لديهن حمى أثناء الحمل.. كما أن 5% من
المريضات تعرضن لأشعة تشخيصية بكميات كبيرة في أثناء الأشهر الأولى
من الحمل.
علاقة الإجهاض بالعمر
وحول العوامل الاجتماعية والنفسية، أشارت د. ليلى إلى ارتفاع نسبة
الإجهاض للفئة العمرية من 30-34 سنة.. وأرجعت ذلك إلى ارتفاع نسبة
الخصوبة في هذه المرحلة العمرية وبذلك تكون نسبة الإجهاض والحمل
عالية، كما أن نسبة الإجهاض تكون عالية في الفئة العمرية من 40-44
سنة كما هو سائد حسب المعايير العالمية وهي زيادة احتمال الإجهاض
مع تقدم السن.
بالإضافة إلى عامل التدخين، حيث إن ثلث المريضات هن زوجات لمدخنين
وأن (35.6%) من هذه النسبة يدخن الأزواج فيها داخل البيت، وأن
(42.2%) من المريضات يدخن أزواجهن بين علبة إلى علبتين يوميا، وحسب
السكن وجد أن أعلى نسبة للإجهاض من بلدية الدوحة والتي بلغت 41%
تليها بلدية الريان (33%) وهذه النتيجة تنسجم مع التوزيع النسبي
للسكان من دولة قطر، حيث يتركز السكان ببلدية الدوحة بنسبة 45.6%
والريان بنسبة 36.7%.
يشار إلى أن فريق عمل الدراسة تكون من نخبة من طبيبات مستشفى
النساء والولادة بالدوحة وهن: الدكتورة سلوى يعقوب، والدكتورة
حليمة التميمي، والدكتورة مريم السقا، والسيدة فاطمة حيدر، وجوسلين
إلياس، والدكتورة وجدان إسماعيل اختصاصية بحوث طبية بمؤسسة حمد
الطبية.. وعبد الله جاسم اختصاصي الإحصاءات الطبية بمؤسسة حمد.