تمكن فريق بحث من علماء الطب بجامعة ويك
فورست بنورث كارولاينا من استنبات أكياس مثانة في المختبر، ونجحوا
في استزراعها في البشر. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها
استنبات أعضاء بشرية داخلية معقدة، وليس مجرد قطعة من الجلد أو
الأنسجة، في المختبر ثم إيداعها في البشر.
قام الباحثون بأخذ خلايا من مثانات متعطلة لسبعة أطفال مصابين
بـ”انشقاق السيساء” (spina bifida)، وهي عيوب خلقية في أسفل العمود
الفقري وتؤدي إلى تسريب البول والعجز على الاستمساك، واستخدموا
الخلايا لاستنبات أنسجة أكياس مثانة رقيقة.
ثم قاموا برقع (تطعيم) الأعضاء المصنعة -وتشبه برتقالة كبيرة
مفرغة- في مثانات الأطفال المرضى. بدأ الباحثون مشروعهم منذ العام
1999، ثم تابعوا تطور حالات المرضى لمدة 7 سنوات قبل أن ينشروا
نتائج التجربة في العدد الحالي من المجلة الطبية البريطانية
“لانسيت”.
وبالنسبة لثلاثة من المرضى الذين تلقوا أفضل صورة واعدة من التقنية
الجديدة كانت نسبة تسريب البول أقل، حيث أدت المثانات وظائفها بشكل
يفوق أفضل العلاجات التقليدية المتاحة، التي تتم بترقيع المثانة
بأنسجة مأخوذة من الأمعاء. من المتوقع أن تولد هذه التجربة اهتماما
كبيرا لدى جميع أطباء هندسة الأنسجة.
استنبات أعضاء بشرية ليس سهلا، فينبغي أولا أن يجد الباحثون مصدرا
لخلايا الأعضاء المطلوب استنباتها وجعلها تتكاثر في المختبر. ثم
ينبغي تشكيل أو قولبة الخلايا في بنية تماثل العضو الطبيعي، ويكون
ذلك غالبا باستنبات الخلايا فوق سقالة (منصة).
لكن ينبغي التأكد من تغذية العضو المستنبت بما يكفي من الأوعية
الدموية والأعصاب. وقد تم إنجاز ذلك بأخذ قطعة بحجم طابع بريد من
أنسجة المثانة من كل مريض ثم قطعها إلى شرائح صغيرة واستحثاث
خلاياها على التكاثر.
كما نشر الباحثون طبقة من الخلايا العضلية على السطح الخارجي لقالب
على شكل مثانة مصنوع من مركبات بوليمر وكولاجين التوليفية القابلة
للتحلل الحيوي. كما أضافوا طبقة (داخلية) منفصلة من خلايا بطانة
المثانة. تم استنبات الأعضاء في محلول حساء من المغذيات لمدة عدة
أسابيع قبل أن يقوم الباحثون برتقها في مثانات المرضى.
وكان باحثون آخرون قد بدؤوا العمل قبل سنوات في تفصيل واستنبات كلى
وكبد وقلوب بشرية لمواجهة النقص الحاد في التبرع بالأعضاء، ومشكلات
رفضها بعد زرعها في أجسام المرضى. فاستخدموا أنسجة جلد مستنبتة
صناعيا في الجراحات، ولا يزالون يعملون على تخليق رقع أو بدائل
كاملة لكل عضو في الجسم تقريبا.
يمثل إنجاز فريق جامعة ويك فورست خطوة هامة إلى الأمام، لأن عمليتي
الاستنبات والاستزراع تمتا في البشر وأظهر المشروع تعزيزا واضحا
لوظيفة الأعضاء المستنبتة. لكن بعض الخبراء يحذرون من المسارعة إلى
استسهال الأمر، فاستنبات المثانة في المختبر يعتبر سهلا نسبيا نظرا
لبساطة تكوين المثانة مقارنة مع القلب الأكثر تعقيدا.
في الوقت نفسه يسعى الباحثون إلى ضبط وإتقان هذه التقنية الجديدة
بما يجعلها متاحة لمرضى يعانون من مشكلات وأمراض مثانة متعددة.
وينتظر أن يتبنى أطباء جراحة المسالك البولية هذه التقنية -بشكل
خاص- لعلاج مرضى سرطان المثانة، مع احتمال صعوبة استنبات مثانة
جديدة من خلايا المريض نفسه، لأنها قد تكون مصابة أو معرضة
للسرطان.
أحد الحلول للمشكلة هو أخذ خلايا منشأ من جزء آخر من جسد المريض
-كنخاع العظام- واستحثاثها نحو توليد أنسجة مثانة. لكن هذا المستوى
من البحث والتطوير متقدم على مشروع ويك فورست.