برغم تغير حجم الأسرة الكويتية، ونوعيتها،
وتحولها من الأسرة الكبيرة الممتدة إلى الأسرة النواة ذات العدد
المحدود من الأبناء، فإن مسألة الإنجاب ما زالت تحدد إمكان
الاستمرار أو الانفصال، في الزواج من جهة، وإمكان تعدد الزوجات من
جهة أخرى بما يعني فتح بوابة التفكك الأسري على مصراعيها كمقدمة
لمشكلات اجتماعية أخرى عديدة.
هذا ما أوضحته دراسة حديثة قام به الدكتور حمود القشعان الأستاذ
بكلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت بعنوان: “تأثير العقم على
تقدير الذات والتوافق الزوجي في الأسرة الكويتية”، وكشفت الدراسة
أن 55% من المطلقين ليس لديهم أبناء.
الدراسة التي تسدُّ نقصًا في الدراسات النفسية والاجتماعية الخاصة
بالمجتمع الكويتي، أكدت أن الضغوط والمعاناة النفسية لدى حالات
العقم في الأسر الكويتية لا تقتصر على هذه الحالات، وإنما تمتد إلى
أسرة التوجيه، وكثيرًا ما يؤدي العقم إلى انهيار الزواج أو إلى
تعدد الزوجات أو الانحرافات الجنسية مما يفسر تزايد معدلات الطلاق،
وبعض مظاهر اضطراب التفاعل الأسري، في المجتمع الكويتي.
ومن ناحية أخرى فإن مشكلة عدم الإنجاب تأخذ حيزًا من الاهتمام في
المجال الإعلامي والمهني من خلال الإلحاح في افتتاح مركز خاص لطفل
الأنابيب وتوسعة طاقة العمل في وحدات الغدد الصماء في وزارة الصحة
الكويتية.
أمام ذلك وفي ضوء خصوصية مشكلة العقم في المجتمع الكويتي فإن
الدراسة الحالية تثير العديد من الأفكار الخاصة بتوجهات البحث
المستقبلية، وعليه أوصت بأن يتم إجراء دراسات طولية على عيِّنة من
الأسر التي تعاني من مشكلة العقم لإحداث تكامل في العلاج الطبي
والنفسي لتلك الفئة، مع تدريب وتوعية العاملين بالفريق الطبي لعلاج
العقم على مهارات التشخيص طبيًّا ونفسيًّا، والإسراع بإنشاء مركز
للإرشاد النفسي والأسرة لمساعدة الأفراد الذين يتلقون العلاج الطبي
للعقم نظرًا للحاجة الملحة للتأقلم مع الضغوط المترتبة على نظام
الحياة اليومية للمرض لتعزيز أدوارهم من الناحية النفسية والأسرية
والاجتماعية، وأخيرًا إجراء دراسات للمقارنة بين أصحاب العقم
الثانوي الذين أنجبوا بعد العلاج الطبي، وعينة من الأسر التي تعاني
من العقم الأولى لم يسبق لهم الإنجاب، مما يحقق هدف الدراسة في
الوصول لمعلومات منظمة تحقق الفهم الأفضل للتعامل مع الآثار
النفسية والاجتماعية للعقم الذي ينظر إليه كمشكلة معقدة تهدد
التوافق الزوجي، وتؤثر على تقدير الذات لدى الرجل الذي يعتبر
الإنجاب اكتمالاً، وإثباتًا للرجولة، ولدى المرأة التي تعتبره
علوًّا للمكانة الاجتماعية وضمانًا لاستقرارها الأسري.